ما يثير الغرابة والاستهجان موقف بعض الفصائل من التهدئة والتباكي على فشلها دون الأخذ في الاعتبار حقيقة الوضع الداخلي الفلسطيني والوضع السياسي المضطرب عربيا وعالميا ،فالوضع الفلسطيني الداخلي بلغ حالة من التردي والانهيار تجعل مواجهة العدو بأسلحتنا البسيطة نوع من المجازفة والمغامرة ،إن مجتمعا متفسخا كالمجتمع الفلسطيني هذه الأيام لا يمكن أن يحقق أية إنجازات سياسية كنتيجة لأعمال عسكرية يقوم بها المجاهدون ،بل سيطلق العنان لآلة البطش الصهيونية للتغول على شعبنا في قطاع غزة وسط صمت عربي ودولي -بل ربما تصفيق عربي ودولي - لقد وصل الأمر ببعض الحاقدين من المحسوبين على الشعب الفلسطيني للتصفيق والهتاف عندما يتعرض المجاهدون للقصف الصهيوني فهل بمجتمع فيه مثل هؤلاء الحثالات يمكن مواجهة الاحتلال وعدوانه الغاشم؟! إن مسيرة كفاح الشعب الفلسطيني طويلة وشاقة فهل من العيب والخطأ أن يأخذ المحارب استراحة لالتقاط الأنفاس ورص الصفوف وإعادة الحسابات؟! والأمر العجيب أن التباكي على التهدئة لا يصدر عن المجاهدين الحقيقيين الذين يواجهون العدو بصدورهم العارية وأسلحتهم البسيطة إنما يصدر عن تنظيمات ألقت سلاحها "من زمان" وقبل التهدئة بأعوام فلماذا تتباكى هذه التنظيمات على التهدئة الآن ؟!
ليس هناك من تفسير إلا أن الحقد الأعمى لدى هذه الفئة المارقة أنساها الانتماء للدين والوطن والقضية وهمهم الوحيد هو قلع شوكة حماس التي تقض جنوبهم ولكن هذه المرة بيد العدو الصهيوني بعد أن عجزوا بكل وسائلهم الدنيئة عن المس بها بأيديهم الخبيثة